<strong>مخاوف واشنطن والدوحة من تداعيات الأزمة السودانية على دور المجموعات المسلحة الأجنبية في ليبيا</strong>

مخاوف واشنطن والدوحة من تداعيات الأزمة السودانية على دور المجموعات المسلحة الأجنبية في ليبيا

أفريكا إنتلجنس


يمتنع حاليا مقاتلون في الميليشيات السودانية والتشادية في ليبيا عن التدخل في النزاع السوداني، ولكن إذا استمرت الأعمال العدائية هناك، فقد يميل أحد الأطراف المتنازعة إلى استدعائهم.

السؤال المطروح الآن: هل يدفع توقف دفع رواتبهم منذ انتهاء الأعمال القتالية بين الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر وحكومة الوحدة الوطنية، هذه الجماعات إلى البحث عن دور جديد في السودان؟

حتى الآن، لم يرصد أي اتصال رسمي بينهم وبين طرفي النزاع في السودان، لكن منذ بدء القتال في 15 أبريل بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، أخذت واشنطن احتمال إشراكهم في الصراع على محمل الجد.

خطوط إمداد مشتبه بها:

بدأ مؤخرا عدد من الجماعات المسلحة الدارفورية في شرق ليبيا، التي كانت تدعم الجيش الوطني الليبي سابقًا بقيادة حفتر، في التحرك نحو الحدود الجنوبية للبلاد، وتقدر أعدادهم بنحو 6 آلاف مقاتل من دارفور في ليبيا فقط.

بعض هؤلاء المقاتلين قاتلوا لفترة طويلة ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم السودان من عام 1989 إلى 2019، قبل أن ينضموا إلى قوات حفتر، وقد وافق نصفهم في يونيو 2022 على المشاركة في مفاوضات لتمكينهم من العودة إلى السودان والانضمام إلى الجيش السوداني، لكن النصف الآخر انضم إلى حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد النور، التي رفضت منذ سقوط البشير المشاركة في محادثات سلام مع أي من السلطات التي خلفته في الخرطوم.

بالإضافة للمجموعات السودانية فإن كتيبة “سبل السلام” التي تنشط في جنوب شرق ليبيا بالقرب من الحدود مع تشاد والسودان ومصر تثير هي الأخرى قلقا غربيا. وهي كتيبة ذات توجه سلفي أسسها أفراد من قبيلة الزوي في عام 2015، وتتبع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر.

وتعد اليوم من أكبر القوات المسلحة في منطقة الكفرة. وفي تقرير نُشر عام 2020 أشارت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن كتيبة “سبل السلام” تسيطر على عدد كبير من الطرق التي يستخدمها المهاجرون ومهربو المخدرات والمحروقات. وقد شوهدت قوافل من البنزين والأسلحة تتحرك باتجاه الحدود الليبية مع السودان في المنطقة التي تسيطر عليها “سبل السلام” منذ بداية الأزمة السودانية، وتشير هذه التحركات إلى تواصل بينها وبين قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي.

المجموعات التشادية:

رغم ذلك، الجماعات السودانية لا تعد الجماعات المسلحة الأجنبية الوحيدة التي سببت التوتر، ففي ذروة الصراع في ليبيا، قاتل ما لا يقل عن 3 آلاف مقاتل تشادي خلال فترات مختلفة إلى جانب الميليشيات الليبية المرتبطة بحكومة الوفاق الوطني أو قوات الجيش الوطني الليبي.

من بينها “جبهة التغيير والوفاق” بقيادة محمد مهدي علي، التي قادت هجومًا على العاصمة التشادية  أنجامينا في أبريل 2021. ورغم  تراجع قوتها ما تزال “التغيير والوفاق” في الجنوب الليبي، حيث لم تنضم الجبهة لاتفاق الدوحة المبرم بين الحكومة التشادية والمعارضة السياسية الرئيسة والجماعات العسكرية التشادية خلال الصيف الماضي، وهو ما يدفع أنجامينا لتوقع انخراط الجبهة في الصراع السوداني.

يثير تخلف الجبهة عن اتفاق الدوحة مخاوف جدية بشأن مستقبل الجماعات التشادية المسلحة الأخرى التي وقعت على اتفاق الدوحة. ففي حال لم تُنفّذ الجوانب العملية والمالية للاتفاقية، فقد يتجه كثير من هذه المجموعات إلى الانخراط في الصراع السوداني.

تثير هذه الاحتمالية قلق كبار الدبلوماسيين القطريين قلقا متزايدا في الآونة الأخيرة، وفي هذا السياق، تحاول الدوحة إعادة إطلاق لجنة مراقبة الاتفاقية، ويمكن أن يعقد أول اجتماع لهذه اللجنة قريبًا في الدوحة أو أنجامينا لضمان تنفيذ الاتفاق، وهو ما يتطلب اعتماد الإجراءات المالية المنصوص عليها في ملفات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.

بعد فترة من الجمود مع الدوحة، أثار مستشار الأمن القومي القطري محمد بن أحمد المسند الموضوع مباشرة مع رئيس المرحلة الانتقالية في تشاد محمد إدريس ديبي على هامش قمة الدوحة حول “الدول الأقل نموا” التي عقدت مطلعَ مارس الجاري. في الوقت نفسه، يحاول عديدُ المبعوثين إشراك رئيس ساحل العاج الحسن واتارا في القضية رغم عدم معرفته بتشاد، إلا أن الرئيس الحسن معروف جيدًا بشكل خاص في الدوحة. وقد حاولت باريس بالفعل التماس تدخل الرئيس الحسن لدى أنجامينا والدوحة في الخريف الماضي.

قد يتفاقم خطر تورط الجماعات التشادية في الأزمة السودانية في حال تعمق الصراع، وهو أمر مرجح بالنظر إلى التوازن النسبي بين القوات المتقاتلة في الخرطوم. في هذه الحالة، يُخشى بشكل خاص من احتمال انسحاب قوات الدعم السريع على نطاق واسع إلى معقلهم في دارفور على الحدود مع تشاد.

اشترك في القائمة البريدية